أبكيك يا نوسا...

أبكيك يانوسا....

كلما حاولت الإمساك بالقلم لأكتب عما أعانيه من غربتي ... ترتعش أناملي وتسقط كلماتي وتختفي الجمل وتغشاني موجات من الحزن العميق، فأنكفئ على نفسي لأدخل في سراديب من الألم، ومساقات من الظلام الدامس، ويتحول ضجيج الغربة إلى صمت قاتل وتتغير الأصوات إلى أنين موحش، فتتيه مشاعري بين سحب الوجع الموغل في الضمير وبين طيوف من الذكريات الجميلة التي عشتها فيك يا نوسا البحر....يا ونس القلب
أيتها القرية الصغيرة ... التي غرست فيا الحب والحنان ومعاني الإنسانية ومبادئ الأخلاق النبيلة.
لا اعتراض على قدر الله فكثير منا في هذا المصير متجهون... لكنها مشاعر وأحاسيس أبت إلا ان تنساب إليكم... لم أعد أستطيع كبتها وأحبسها في ذاكرة مهجورة يطويها الزمن فهذا البوح ينتج من مكنونات مغترب مكلوم .. متألم... التهمت الحمم عذابات الفراق واحتست فواجع الغربة وتجرعت مرارة الحزن الذي يوغل في الروح والبدن.
رحلت عن قريتي واتجهت لمواجهة التحديات الحياتية بالصبر والإصرار على النجاح وعدم الرضا بما دون هامة المجد وسنام التفوق.
نوسا البحر كانت ذلك الكيان العظيم الذي كان بمثابة الروح التي أستمد منها حبي للحياة لم أكن أتخيل حياتي بعدها،
فالغربة غيبت نورها وضياءها الذي كنت أشتق منه سعادتي وفرحي ونجاحي،ما ان ابتعدت عنها الا وخيم الظلام المريب على مسار حياتي وطفقت أتحسس طريقي بشيء من الوجل وحزم من الرعب المشوب بلوعة الغربة و الفراق المر.
قريتي بكيتك بدموع تغطي ازقتك القديمة.. وتسقي أشجار ك ..
أبكيك بنشيج يوقظ مهاجع الكون ويخنق ضجيج العالم.. أبكيك بأنين يصهر صخور شوارعك .. أبكيك بحرقة تذيب ثلوج شتاءك
قريتي اشتقت اليك بلوعة اليتامى.. بتنهدات الثكالى.. بوجع المهمومين.. ببكاء الرجال المقهورين.. بصرخة المفجوع بغياب الحبيب.. الموسوم بجرح الحسرة..
قريتي احس اني انضممت في غربتي هذه إلى ركب المستقرين إلى الأبد تحت الأرض.. وروحي انضمت الى تلك الكواكب البعيدة... وكأن قدري اصبح خلف القمر.. ذهبت عنك كضوء يمخر عباب الفضاء.. ودعتك بضحكة غادرتني بعد فراقك بقليل ... ابتعدت عنك وتركتك بشهقة حزن نافرة..
سافرت لانسل بين أنامل الزمن علني اعود .....
لكن لن أعود آآآآآآآآه لن أعود فهذا قدري وهذا مصيري...
فارجو ان تسامحيني يا قريتي ..

التصنيف :